الثورة
16 سبتمبر 2005. اليوم الذي صعقت فيه نينتندو الجميع عندما كشف رئيس الشركة، ساتورو إيواتا، عن يد التحكم الخاصة بجهاز نينتندو القادم، المعروف باسمه الرمزي “ريفولوشن” (الثورة). كانت نينتندو خارجة من أسوأ جيل لها على الإطلاق، حيث لم يتمكن الجيم كيوب من بيع أكثر من 21 مليون جهاز عالميا، وتسبب بخسائر للشركة لأول مرة في تاريخها. لذلك، قررت نينتندو أن تغامر بجهازها الجديد مغامرة كبيرة، حيث قالت أنها تصدر جهازاً لا يحتوي على ميزات الوسائط المتعددة ولا يظهر الألعاب بوضوح التعريف العالي (HD)، وبشكل عام كان من الواضح أن الريفولوشن كان الجهاز الأضعف تقنيا مقارنة بالبلايستيشن 3 والإكسبوكس 360. لذلك، كانت الآمال عالية من محبي نينتندو لمعرفة ما سوف يميز الريفولوشن ويجعله “ثورة” حقيقية.
لم يخيب إيواتا آمالهم، وعندما كشف عن يد التحكم المصممة على شكل يشبه ريموت تلفزيون، وتحتوي على ميزات الإحساس بالحركة وإمكانية التصويب على الشاشة، استطاعت نينتندو جذب انتباه مجتمع الألعاب، ثم استطاعت أن تفاجئهم من جديد في أبريل من العام التالي، عندما أعلنت أن اسم الجهاز الرسمي سيكون “Wii”. بعد شهرين في معرض E3 2006 في لوس أنجلس، عندما عرضت نينتندو ألعاب الجهاز بشكل قابل للعب لأول مرة، نجحت في الحوز على انتباه وسائل الإعلام العالمية الكبرى، التي، مع التغطية المستمرة للـWii ويد تحكمه الجديدة (”الويموت”)، جعلت الكثير من الناس التي لا تهوى الألعاب عادة تتطلع إليه بفضول كبير.
انطلاقة عالمية ناجحة
بعد أن لامست نينتندو الاهتمام الكبير العالمي لجهازها الأبيض الصغير، أعلنت أنها ستوفر 4 ملايين جهاز عالمياً منذ إطلاقه الأمريكي في 19 نوفمبر، مرورا بإطلاقه في اليابان وأوربا في ديسمبر، حتى نهاية العام 2006، وأنه سيتوفر بسعر 250 دولار أمريكي مع لعبة Wii Sports مجاناً، بالإضافة لتوفر مجموعة متنوعة وجيدة جداً من الألعاب وقت إصداره. نجحت نينتندو في الإيفاء بوعدها، واستطاعت أن تنجز أول انطلاقة عالمية ناجحة في تاريخ أجهزة ألعاب الفيديو المنزلية. لكنها فشلت في شيء واحد: تلبية طلب المستهلكين للـWii.
باع الـWii بشكل مذهل وقت نزوله حول العالم، وتحدثت وسائل الإعلام عن نفاده من كل المحلات فور وصوله، وعن الأسعار المبالغ فيها للجهاز في مواقع مثل eBay، وعن أنه أصبح ظاهرة اجتماعية جديدة يستمتع بها حتى من لا يهوى ألعاب الفيديو. ولكن غالبية متابعي السوق توقعوا أنها ظاهرة مؤقتة، وأن الـWii سيفقد شعبيته فور نهاية موسم الأعياد، وذلك لضعفه التقني وتأخره عن القدرات الرسومية المذهلة للجهازين المنافسين.
مبيعات مذهلة
الآن، وبعد أكثر من سنة على انطلاقة الـWii، رغم أن نينتندو رفعت معدل الإنتاج إلى 1.8 مليون وحدة شهريا، ما زالت شحنات الجهاز تنفد فور وصولها للمحلات في الكثير من المناطق حول العالم، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، وما زال مختفيا من معظم المتاجر الالكترونية، وما زالت أسعاره في eBay تصل لأكثر من ضعف سعره الحقيقي. وصلت مجموع مبيعات الـWii في سنته الأولى إلى حوالي 14 مليون جهاز عالمياً، متجاوزا السنة الأولى لأي جهاز ألعاب منزلي آخر في التاريخ. خلال سنة واحدة، استطاع الـWii في كل من اليابان وأوربا أن يتساوى تقريبا مع مجموع مبيعات الجيمكيوب طوال 5 سنوات.
أما في السباق مع البلايستيشن 3 والاكسبوكس 360، فقد استطاع الـWii أن يبهر الجميع، خصوصاً سوني ومايكروسوفت. رغم أن الجميع رأى التفوق الكبير في الجيلين الماضيين لأجهزة البلايستيشن، ورغم أن مايكروسوفت حصلت على أسبقية سنة كاملة في هذا الجيل، إلا أن الـWii استطاع أن يبيع أكثر من ضعف مبيعات الـPS3 الكلية، وأن يتجاوز مجموع مبيعات الـ360 طوال عمره. مع تكرار الطلب الجنوني على الـWii في المحلات خلال الأسابيع الماضية، بإمكاننا أن نتوقع موسم أعياد سعيد آخر لنينتندو.
ماذا عن الألعاب؟
حصل الـWii على مجموعة ألعاب مثيرة للإعجاب مع انطلاقته. لعبة Wii Sports، التي أتت في علبة الجهاز مجاناً، كانت أفضل طريقة للتعريف بميزات الويموت المميزة، ولعبة الحفلات الأولى التي تجذب اللاعبين الجدد للجهاز. أما اللاعبون القدامى، فأغلبهم اشترى الجهاز ليتمتع بأسطورة زيلدا الجديدة، Twilight Princess، التي كانت مصممة في الأساس للجيمكيوب، لكنها وجدت مكاناً مناسباً لها مع التصويب بالويموت وتحريكه للضرب بالسيف. أيضاً كانت هناك الكثير من الخيارات المتنوعة مثل Trauma Center, Rayman Raving Rabbids و Excite Truck.
مباشرة بعد الانطلاقة، بدأنا نرى أثرا سلبيا لنجاح الـWii، عندما بدأت مجموعة من الألعاب ذات الإنتاج الرخيص والمستوى السيء بالتدفق على الجهاز أملا في الاستفادة من نجاحه، وقد انتقد الكثيرون هذا الشيء واعتبره بعضهم عيبا في الجهاز نفسه، لكنهم نسوا أن كل الأجهزة الناجحة تواجه نفس النوع من الألعاب، وهذا لا يقلل من نجاحها أو مستواها. على الرغم من وجود الألعاب السيئة، إلا الألعاب الجيدة استمرت في الصدور على الجهاز بمعدل طبيعي، مع صدور لعبة ممتازة كل شهر أو شهرين.
ألعاب ممتازة
حصل الـWii على مجموعة كبيرة من الألعاب ذات المستوى الممتاز، نادرا ما نرى مثلها في أول سنة من عمر الجهاز. Zelda: Twilight Princess تعتبر من أفضل أجزاء سلسلة نينتندو الشهيرة، وقد أجمع النقاد على جودتها. Wario Ware: Smooth Moves أتت بعد شهرين من صدور الـWii، وحصلت على مدح الكثيرين كأفضل لعبة حفلات على الجهاز. بعد ذلك حصلنا على Super Paper Mario، لعبة ماريو المميزة التي جمعت البعد الثنائي بالثلاثي.
الصيف كان فترة ممتازة مع صدور Resident Evil 4: Wii Edition، التي جعلها تحكم الويموت أفضل نسخة من اللعبة حاصدة الجوائز، Mario Strikers Charged الجزء الجديد من لعبة كرة القدم، والتي احتوت على طور جديد للعب عبر الشبكة. في نهاية الصيف أتت Metroid Prime 3: Corruption، التي كانت نهاية ممتازة لسلسلة مترويد برايم الرائعة، وأول مثال للعبة منظور أول تجعل تحكم الويموت أفضل من التحكم العادي. في أكتوبر، أتت أفضل لعبة طرف ثالث حصرية على الجهاز، مرة أخرى من كابكوم. Zack & Wiki مثال ممتاز لنوع من الألعاب لا يمكن تحقيقه إلا على الـWii، لكنها لم تنجح تجاريا للأسف بسبب تسويق كابكوم الضعيف للعبة. في نوفمبر حصل الوي أيضا على نصيبه من أفضل سلسلة ألعاب RPG استراتيجية في عالم الألعاب ، فاير امبليم على الوي قدمت قصة مذهلة في لعبة تعتبر الأطول من حيث مدة اللعب في تاريخ السلسلة.
لا ننسى طبعاً أن نذكر خدمة Virtual Console، التي تقدم لملاك الـWii فرصة تحميل مئات الألعاب الكلاسيكية من مختلف الأجهزة من نينتندو وسيجا وغيرهم، وهي تحتوي الآن على العديد من الألعاب الكلاسيكية الأفضل عبر تاريخ الألعاب، ويتم تحديثها أسبوعيا.
لعبة لا تتكرر
لم تأتي جوهرة الـWii الحقيقية إلا قبل أسبوع واحد على مرور سنة على إطلاق الجهاز. ألعاب ماريو الحقيقية صارت لا تصدر إلا كل 5 أو 6 سنوات، ومع أن جزء الجيمكيوب Super Mario Sunshine مخيبا للآمال خصوصا بعد ثورة Super Mario 64، التوقعات ما زالت عالية للجزء الجديد. لكن Super Mario Galaxy أتت وحطمت كل التوقعات، ولم تكن فقط على مستوى الأجزاء السابقة، بل تجاوزتهم جميعا لتصبح إحدى أفضل الألعاب في التاريخ، حسب معدل تقاييم النقاد.
إنها لعبة ماريو المثالية، التي تأخذك إلى عوالم مختلفة بطريقة لم نشاهدها من قبل، ولكن مع احتفاظها بكل ما يميز ألعاب ماريو. وأيضا هي لعبة الـWii المثالية، حيث أنها لا تبالغ في استخدام ميزات الويموت، لكنها ستفقد الكثير بدونه. ومع أن الـWii بعيد عن الأجهزة المنافسة رسومياً، إلا أن جالاكسي تنافس الكثير من هذه الألعاب برسومها الرائعة الممزوجة بلمسات فنية مبدعة. إنها بحق اللعبة التي تستحق شراء الجهاز من أجلها.
السنة الأفضل
بعد أن مرت سنة على إطلاق جهاز الـWii، قد قدم لنا فيها مجموعة رائعة من الألعاب، وحقق نجاحاً غير مسبوق. نستطيع أن نقول بثقة أنها أفضل سنة أولى لأي جهاز منزلي عبر تاريخ ألعاب الفيديو. ما زلنا ننتظر الكثير من الألعاب، وما زالت نينتندو تواجه تحديات صعبة قادمة، هذه فقط البداية.